أحمد شعبان (القاهرة)

ثمن المشاركون في اجتماعات وزراء الإعلام العرب خلال الدورة الـ50، المقترح الذي تقدمت به دولة الإمارات العربية المتحدة في المحور الفكري حول «دور وسائل الإعلام العربي في تعزيز ثقافة التسامح». وأكدوا في تصريحات خاصة لـ«الاتحاد» أن الإمارات دولة رائدة في مجال التسامح، وأنه يجب التعرف على التجربة الإماراتية التي تشجع على نشر ثقافة التسامح، ونقلها إلى جميع المنصات الإعلامية في الوطن العربي للاستفادة منها.
وأكدوا أنه يجب وضع أسس ومبادئ وقوانين إعلامية لإرساء قواعد التسامح في المجتمعات العربية ونبذ الكراهية والتعصب والإرهاب، وتبني خطة إعلامية استراتيجية يُشارك فيها المتخصصون من الإعلاميين في الوطن العربي، لنشر قيم التسامح في ظل الموجات الإرهابية التي تعاني منها المنطقة.
وكان مجلس وزراء الإعلام العرب اعتمد التقرير والتوصيات الصادرة عن اجتماع جلسة المحور الفكري للدورة العادية «50» حول «دور وسائل الإعلام العربي في تعزيز ثقافة التسامح» والتي تقدمت به دولة الإمارات العربية المتحدة، وتكليف الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بمتابعة تنفيذ توصياته.
ودعا مجلس وزراء الإعلام العرب الدول الأعضاء والمنظمات والاتحادات الممارسة لمهام إعلامية إلى تنظيم فعاليات وأنشطة تسهم في تعزيز موضوع المحور الفكري وتعزيز ثقافة التسامح، وموافاة الأمانة الفنية للمجلس بأية دراسات أو بحوث حتى يتسنى لها تعميمها للاسترشاد بها والاستفادة منها.

المقترح الإماراتي
ونص المقترح الإماراتي حول دور وسائل الإعلام العربي في تعزيز ثقافة التسامح، على أن أي جهد تقوم به وسائل الإعلام العربية في نشر وتعزيز ثقافة التسامح يجب أن يستند لاستراتيجية وطنية شاملة للتسامح تشارك فيها جميع الأطراف المعنية في القطاعات الحكومية والمدنية، باعتبارهم شركاء استراتيجيين، كما يتطلب تعميق قيم التسامح والتعايش المشترك والانفتاح على الثقافات والشعوب في المجتمع من خلال التركيز على هذه القيم لدى الأجيال الجديدة، وهو ما يقتضي ضرورة طرح تشريعات وسياسات تهدف إلى تعزيز قيم التسامح الثقافي والديني والاجتماعي، ولابد للإعلام من ربط قيم وممارسات التسامح بالإرث الثقافي والديني للمجتمعات العربية باعتباره امتداداً للقيم والمثل العربية.
كما تضمن ضرورة تطوير خطاب إعلامي يستند لمفاهيم التنوع والتعايش المشترك والسلام في المجتمع، إلى جانب إبراز التجارب الناجحة في التسامح من خلال وسائل الإعلام التقليدية والرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي، وكذلك إبراز المبادرات والسياسات الحكومية والجهود الأهلية التي تعزز التسامح كمفهوم وسلوك ثقافي واجتماعي وإطلاق مبادرات إعلامية إبداعية حول التسامح.
كما تضمن أهمية التركيز على الشباب في ترسيخ مفاهيم وممارسات التسامح من خلال البرامج التفاعلية الهادفة ومبادرات التواصل الاجتماعي. والتأكيد على الالتزام بمواثيق الشرف الإعلامية الصادرة عن المنظمات الدولية والإقليمية والمهنية التي تدعو إلى تعميق روح التسامح. وكذلك تضمين المناهج الإعلامية في المدارس والجامعات مكونات علمية ومعرفية تعزز قيم التسامح والتعايش المشترك.
كما تناول المقترح الإماراتي المسؤولية الأخلاقية والوطنية لوسائل الإعلام، وضرورة تحمل وسائل الإعلام الحكومية والخاصة مسئوليات كبيرة تجاه مجتمعاتها، وهي مسؤوليات تقع ضمن أطر أخلاقية ووطنية هدفها الأساسي هو الحفاظ على استقرار المجتمع وتعزيز هويته الوطنية وانتماء أفراده وولائهم للقيم العليا التي يستند إليها المجتمع.

خطة إعلامية
وقال محمد العواش وكيل وزارة الإعلام بدولة الكويت ورئيس اتحاد إذاعات الدول العربية، لـ«الاتحاد» إن الإعلام العربي عليه دور كبير جداً في تعزيز ونشر مفاهيم التسامح بين المتلقي ووسائل الإعلام المسموعة والمرأية والمقروءة أو حتى وسائل الإعلام الجديدة التي بدأت تغزو ساحة الإعلام بشكل عام وخاصة وسائل التواصل الاجتماعي، مشيراً إلى أن اتحاد الإذاعات في الدول العربية أدرك هذه القيمة الكبيرة للتسامح، وقدم ورشة كبيرة عقدت في أبريل الماضي بالتنسيق مع مجلس وزراء الداخلية العرب، لتبني خطة إعلامية استراتيجية شارك فيها العديد من المختصين في الوطن العربي، وكان من مرتكزاتها نشر قيم التسامح في ظل الموجات الإرهابية التي يعاني منها الوطن العربي، والتي تستدعي تضافر الجهود وشحذ الهمم، حتى نحد من هذه الظاهرة الغريبة على القيم العربية، والغريبة أيضاً على المجتمعات الإسلامية.
وثمن العواش التسامح الذي تعيشه دولة الإمارات العربية المتحدة وإطلاق عام 2019 عاماً للتسامح، مؤكداً أن الإمارات بقيادتها وشعبها العربي الأصيل من المبادرين دائماً لخدمة الإعلام العربي، وخدمة العمل العربي المشترك، ولذلك فليس غريباً على القيادة في دولة الإمارات الشقيقة إطلاق هذه المبادرة، ودعمها من خلال وسائل الإعلام الإماراتية، مشيراً إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة عضو فاعل ومؤسس لاتحاد الإذاعات في الدول العربية، قائلاً «نحن نقدم كل الدعم والتأيد لوسائل الإعلام الإماراتية على مختلف أنواعها لنعزز هذه الرسالة الإعلامية التي تدعو للتسامح ونبذ العنف والتعصب والتطرف والتي تهم كل متلقي عربي».

التجربة الإماراتية
ومن جانبه أكد الدكتور خليل الطيار عضو مجلس الأمناء بهيئة الإعلام العراقية والاتصالات، أن الدول العربية قطعت شوطاً كبيراً في إيقاف حالة الغلو والتطرف ومحاربة الإرهاب، مشيراً إلى أن المحور الفكري للدورات السابقة لمجلس وزراء الإعلام العرب كان حول «دور الإعلام في التصدي لظاهرة الإرهاب»، وتم تقديم نموذجاً حقيقياً في كيفية مساهمة الإعلام العربي في مكافحة الإرهاب، مشيراً إلى أن التجربة العراقية كانت نموذجاً في أن تحصل العراق على أول دولة عربية تستطيع القضاء على الإرهاب بعد القضاء على تنظيم الدولة الإرهابي داعش، وتم الانتصار أيضاً على الآلة الداعشية الإعلامية.
وأشار إلى أهمية القضاء على الفكر الداعشي بعد الانتصار عليه عسكرياً، ومحو المخلفات التي خلفها هذا التنظيم الإرهابي، مؤكداً أنه إذا كان الإرهاب ينطلق من محور تشتيت الشعوب وتفريقها؛ فإنه آن الآوان أن نتسامح مع الآخر الذي يجب الوصول إليه تحت منظومة فكرية، وهو الذي دعى هذا العام أن يكون المحور الفكري لاجتماعات وزراء الإعلام العرب، والذي تقدمت به دولة الإمارات العربية المتحدة وهو نشر ثقافة التسامح.
وأكد أنه من خلال استخدام وسائل الإعلام في نشر ثقافة التسامح؛ سوف نقضي على الفرقة، ونستطيع أن نعرف هويتنا العربية القادرة على توحيد المشتركات التي من خلالها يستطيع المواطن العربي أن يتوسم في أمته الخير، مؤكداً أن الإعلام قادر على أن يكون مساهماً في إثراء ثقافة التسامح، ولذلك جاءت هذه الدورة على درجة كبيرة من الأهمية، مضيفاً «نحن مع الأشقاء في الإمارات على أن يكون هذا المحور أساسياً، لكي لا نسمح للغلو والتطرف، ولا نسمح لمنصات الإعلام العربي أن تكون مروجة أو متبنية لهذه الأفكار المضللة».
وثمن الطيار الدور الكبير الذي تقوم به الإمارات في نشر ثقافة التسامح والعيش المشترك وإطلاق عام 2019 عاماً للتسامح، مشيراً إلى أن التجربة الإماراتية تشجع على نشر ثقافة التسامح، مبدياً إعجابه الشديد بهذه التجربة الرائدة التي يتشرف بنقلها إلى جميع المنصات الإعلامية في الوطن العربي للاستفادة منها في الخطوات الأساسية، لافتاً إلى أن هذا ما قام به مركز «وطني الإمارات» بجعل قيمة المواطنة الحقيقية لأن تجعل الفرد والمواطن الولاء لوطنه، ويتسامح مع الآخر مهما كانت هويته ولونه وجنسه.

محاربة التطرف والإرهاب
وأكد علي بن خلفان الجابري وكيل وزارة الإعلام بسلطنة عمان، أن نشر ثقافة التسامح مطلب كبير جداً، وأن التسامح يحتاج إلى منهاج عمل، وبالتالي فإن الإعلام وحده لا يكفي للقيام بنشر ثقافة التسامح. مؤكداً أن نشر ثقافة التسامح تحتاج جهود أكبر على المستوى الرسمي في الدول بحيث تبدأ من جميع المؤسسات المعنية مثل مثل المسجد والمدرسة والكنيسة والمؤسسات الأخرى، بحيث تتكاتف كل الجهود من أجل الوصول إلى هذه الغاية النبيلة.
وشدد على أن الإعلام يلعب دوراً كبيراً في نشر ثقافة التسامح، لأن الجميع متضرر من ظاهرة التطرف والغلو والإرهاب، وهناك أموال طائلة تصرفها الدول لمحاربة الإرهاب والتطرف، مثمناً الدور الكبير الذي تقوم به دولة الإمارات العربية المتحدة في نشر ثقافة التسامح، والتي أصبحت معلومة لدى العالم أجمع، وتُمارس على أرض الواقع في دولة الإمارات من خلال العيش المشترك لأكثر من 200 جنسية يعيشون في وئام وحب مع اختلاف عقائدهم. وأكد أن سلطنة عمان لديها أيضاً جهود في نشر ثقافة التسامح منذ البدايات الأولى للدولة، مؤكداً أهمية توحد هذه الجهود في الدول العربية للاستمرار في نشر ثقافة التسامح على مستوى الوطن العربي وخارجه. مشيراً إلى أن ما شاهدناه من هجمات إرهابية في الخارج على دور العبادة الخاصة بالمسلمين وقتلهم والاعتداء عليهم بداء التعصب يصب في نفس الاتجاه، وبالتالي يجب أن يعم التسامح الوطن العربي وخارجه. متمنياً التوفيق والنجاح لكل من يسعى لنشر ثقافة التسامح ومحاربة التعصب والإرهاب.

قوانين إعلامية
ومن جانبه أكد يوسف المحمود وكيل وزارة الإعلام الفلسطينية، أن اجتماعات وزراء الإعلام العرب ناقشت المحور الفكري الذي تقدمت به دولة الإمارات العربية المتحدة حول دور وسائل الإعلام في نشر ثقافة التسامح، لوضع قوانين وأسس إعلامية لإرساء قواعد ورفع قيم التسامح في المجتمعات العربية، ونبذ التعصب والكراهية. مؤكداً أن التسامح قيمة وصفة وخصلة عربية أصيلة، ولذلك طُرح التسامح على طاولة وزراء الإعلام العرب للتأكيد عليها وتثبيتها كقيمة عربية.